سيناء - مستقبل المصريين

سيناء - مستقبل المصريين

الخميس، 14 مارس 2013

ماذا تعني قرارات وزير الدفاع بخصوص تملك أراضي سيناء؟

قرار السيسي بخصوص تملك أراضي سيناء - ديباجة
قرار السيسي بخصوص تملك أراضي سيناء – ديباجة

اختلفت ردود الأفعال كثيراً إزاء قرارات وزير الدفاع الأخيرة بخصوص ما أسماه “قواعد وضوابط التملك / تقرير حق الانتفاع في منطقة شبه جزيرة سيناء” الصادرة أمس الأحد الموافق 23 ديسمبر برقم 203 لسنة 2012، والمنشورة في الجريدة الرسمية للدولة. ففي حين رحبت بعض الأصوات بالقرارات التي رأتها حماية للأراضي المصرية من ملكية غير المصريين لها (الفلسطينيين تحديدا)، استغرب آخرون أن تصدر هذه القرارات من وزير الدفاع وليس من رئيس الجمهورية. وفي السطور التالية أقدم محاولة لتفسير القرارات وأثرها على المواطنين المصريين في المنطقة الحدودية.

.

أولاً:

أصدر وزير الدفاع القرارات بعد الاطلاع على الإعلانين الدستوريين الصادرين من المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 13 فبراير 2011 وفي 30 مارس من العام ذاته، ثم بعد الاطلاع على عدد من القوانين والقرارات الجمهورية الصادرة قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، مع التجاهل التام لذكر الاطلاع على الإعلانات الدستورية أو القرارات الجمهورية التي أصدرها الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي. مما يعني تجاهلاً لشرعية الرئيس وتأكيداً على تفرد دولة العسكر الشقيقة باتخاذ القرارات الاستراتيجية استناداً لما أصدره مشيرها السابق وقائدها الأعلى المخلوع بالثورة.

.

ثانياً:

حظرت القرارات التملك وتقرير حق الانتفاع والإيجار وأي نوع من التصرف في الأراضي والعقارات الواقعة في المناطق المتاخمة للحدود الشرقية (مع فلسطين المحتلة وغزة الحرة) بعمق 5 كيلومترات، باستثناء مدينة رفح والمباني المقامة داخل الزمام وكردونات المباني.

.

.

منطقة العجرا بصحراء وادي العمرو الغنية بالمياه الجوفية، الصفراء في الناحية المصرية، المقابلة للخضار في الأرض المحتلة
منطقة العجرا بصحراء وادي العمرو الغنية بالمياه الجوفية، الصفراء في الناحية المصرية، المقابلة للخضار في الأرض المحتلة – الصورة لمحمد عودة الترباني

وهذا الحظر يعني عملياً إهدار جهود الأهالي الذاتية في استصلاح أراضي العجرا وصحراء وادي العمرو التي بدأوها منذ 6 أشهر تقريباً دون أدنى مساعدة من الدولة. والجدير بالذكر أن كافة الأراضي المتاخمة للشريط الحدودي مملوكة لقبائل وعائلات، وأن أياً منهم لا يفرط في شبر واحد من أرضه لا بالبيع ولا الإيجار لاعتبارات وطنية وقبلية كثيرة. والأهم من ذلك أن الأراضي المقابلة لوادي العمرو والعجرا في الجانب الآخر من الحدود ينتشر فيها اللون الأخضر حيث المزارع التي يتفنن في إقامتها الاحتلال الصهيوني ويرويها من المياه الجوفية القريبة من سطح التربة والتي يقبع معظمها في الجانب المصري المكفهر باللون الأصفر من فرط الإهمال والتجاهل.

.

وفي حديث مع أحد أبناء قبيلة الترابين، أبدى تخوفه من ضياع مال عائلته التي أنفقت أكثر من 70 ألف جنيه مصري لحفر بئر في أرضهم الواقعة على بعد 2 كيلومتر (أي الداخلة ضمن قرار وزير الدفاع الأخير)، فضلاً عن تكلفة زراعة أشجار الزيتون بها. وهو ما يعني تبدد الأمل الذي تجدد بعد الثورة في استصلاح هذا الجزء الحيوي والمهم من الأرض المصرية وإقامة درع بشري مقابلة للناحية الإسرائيلية. ويكفي الناس إحباطاً أن ماء بلدهم تروى به المستعمرات الزراعية لأعدائهم في أرض أشقائهم الفلسطيينيين المحتلة.

.

ثالثاً:

القرار لم يؤكد فقط استمرار حكم العسكر فعلياً، بل أكد على تغول الحكم العسكري على الآثار والمحميات الطبيعية، فضلاً عن بسط هيمنته على كافة جزر البحر الأحمر (والتي تخرج منطقياً من تعريف “شبه جزيرة سيناء”).

.

رابعاً:

القرار أكد أن سيناء بالكامل لا تزال تدار أمنياً وتحكم عسكرياً، وأنه لا معنى لوجود جهاز وطني لتنمية سيناء تابع لمجلس الوزراء، ولا جهاز لتعمير سيناء تابع لوزارة الإسكان.

.

خامساً:

القرارات أكدت أن سيناء بالنسبة للدولة المصرية أرض بلا شعب، وأن اعتماد المخابرات الحربية على أبناء القبائل في حماية الحدود بالسلاح المهرب تحت سمع الدولة وبصرها لا يعدو كونه اتفاقاً تحت المنضدة لا يترتب عليه أي اعتراف بوجود هذه القبائل على الحدود وملكيتها لأراضيها وبطولتها على مدار التاريخ في الذود عنها وعن كامل أرض مصر.

.

سادساً:

القرارات صدرت بعد يوم واحد من الاستفتاء على الدستور المشتمل لمواد الوصاية العسكرية، والناس مشغولون بجدل الدستور واستقالة نائب الرئيس وإقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة. وهي مستندة إلى رغبة شعبية في الاطمئنان على المشروع المزعوم بتوطين أبناء غزة في سيناء. وكأن وزير الدفاع يرسل عدة رسائل في آن واحد:

1- العسكر يتركونكم تلعبون في السياسة والأمور التنفيذية والإجرائية، ولا يهتمون إلا بحفظ مصالحهم ووصايتهم أولاً ثم بالأمور الاستراتيجية ثانياً.

2- العسكر يطمئنون إسرائيل على المستويين الاستراتيجي والتنموي، ويضحون في سبيل ذلك بصورة الفلسطيني الذي يصوره الإعلام كطامع في أرض مصر.

3- العسكر يريدون أن يخبروا الشعب في سيناء وفي عموم مصر أنهم لا يزالون موجودين، وفاعلين، وحاكمين.

4- العسكر وحدهم هم الذين يرسمون خطط تنمية سيناء، وعدا ذلك محض هراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق