مطاردة ١٧ هاربا من أعضاء تنظيم «التوحيد والجهاد» في جبال سيناء
صابر مشهور وماهر إسماعيل ١٦/ ٥/ ٢٠٠٦
صابر مشهور وماهر إسماعيل ١٦/ ٥/ ٢٠٠٦
| تواصل
أجهزة الأمن بوزارة الداخلية مطاردة ١٧ من عناصر «التوحيد والجهاد»
الهاربة في صحراء سيناء، ومن بينهم عناصر خطيرة أمنيا، انضمت للجناح
العسكري للتنظيم في خلية جبل الحلال، وبعض العناصر التي تنتمي لخلية العريش
والشيخ زويد. أبرز الهاربين يوسف محمد حماد «٢٢ سنة» الذي حدد الأماكن التي تصلح للتفجير في شرم الشيخ، وعدد من أقارب سالم الشنوب، القائد العسكري للتنظيم «قتل»، وبذلك يكون عدد المحبوسين من التنظيم ٣٥ متهما والمقتولين ٣٠ عنصرا، بعضهم قتل في مواجهات مع الشرطة، ولايزال هناك مجهولون هاربون. يظل التنظيم يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة علاقته بالقاعدة، وأبي مصعب الزرقاوي في العراق، ومن هي الجهة التي مولت نشاطات التنظيم، وكيف كان يجري تحويل الأموال وتسييلها بين أعضاء التنظيم؟ خصوصا أنه نفذ ٥ تفجيرات خلال ٣ سنوات ووجهت إليه الشرطة ٤ ضربات موجعة، لكنها لم تكن حاسمة ولم تقض عليه. وحتي الآن تراهن أجهزة الأمن علي ٦ متهمين سلموا أنفسهم خلال الأسبوع الماضي، بالإضافة إلي محمد عبدالله أبوجرير الذي تم القبض عليه لإزالة العديد من النقاط الغامضة حول التنظيم ونشأته، وستثور مشكلة كبيرة إذا تبين أن المتهمين الذين سلموا أنفسهم أو حتي المتهمين الهاربين حاليا لا يعرفون الكثير عن التنظيم الذي انضموا إليه، وأن إجابات الأسئلة الخطيرة دفنت مع مؤسس التنظيم خالد مساعد «قتل»، وعدد من القيادات التي لقيت مصرعها في مواجهات مع الشرطة، إذ سيظل التنظيم لغزا محيرا، من ناحية نشأته، وهل له امتدادات وخلايا أخري غير مرصودة أمنيا. وكانت «المصري اليوم» قد انفردت بنشر الكثير من المعلومات عن «التوحيد والجهاد» في أبريل الماضي، وحذرت من قيامه بتفجيرات جديدة، وهو ما حدث، حيث نفذ التنظيم تفجيرات دهب في ٢٤ أبريل الماضي. تشير المعلومات المتاحة لدي الجهات الأمنية والنيابة العامة، وملاحظات جيران المتهمين إلي أن الإرهاصات الأولي للتنظيم بدأت عام ١٩٩٨ تقريبا عندما كان مؤسس التنظيم خالد مساعد «طبيب أسنان»، ونصر خميس الملاحي «حاصل علي كلية الحقوق» يدرسان في جامعة الزقازيق، وبدأت ملامح التطرف عليهما، ثم الانطواء والابتعاد عن أصدقائهما، ومن غير الواضح ما إذا كان الصديقان في هذه الفترة قد أصبحا عضوين في تنظيم أكبر، أم أنهما خططا لتأسيس تنظيم جديد. يوضح الجيران أن خالد مساعد مؤسس التنظيم كان شابا نحيلا ينتمي إلي قبيلة السواركة، وهي من كبري قبائل سيناء، ولها تاريخ مشهود وسجل حافل من البطولات في مقاومة المحتل الإسرائيلي في سيناء، وانضم العديد من أبنائها للتنظيم من فرع آل جرير مثل عبدالله أبوجرير «محبوس» وولده محمد وابن عمه يونس عليان أبوجرير. وتضيف المعلومات أن مؤسس التنظيم كان منذ صباه صديقا لزميل دراسته نصر خميس الملاحي الذي ترجح الجهات الأمنية أنه أصبح قائدا للتنظيم في سبتمبر ٢٠٠٥، حيث درسا سويا، وعقب نكسة ١٩٦٧ اضطرت أسرة الملاحي، وهي أسرة فلسطينية حصلت علي الجنسية المصرية أثناء الهجرة إلي محافظة البحيرة، وفي عام ١٩٧٦ أنجبت الأسرة ابنها نصر، ثم عادت للعريش، حتي انتهي من دراسته الثانوية، فأكمل دراسته الجامعية مع خالد مساعد في جامعة الزقازيق، وظهرت عليهما علامات التطرف، وحرم نصر الاشتغال بالمحاماة، وعمل بعد ذلك مزارعا، وعاد الصديقان للعريش. وفي عام ٢٠٠٠ نظما حلقات دينية حيث كان خالد مساعد يلقي دروسه الدينية في مسجد الملايحة، بينما كان نصر الملاحي يلقي دروسه الدينية في مسجد التوفيق. تمكن الصديقان من ضم عناصر جديدة للتنظيم، خصوصا بعد أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١، انضم العديد من العناصر للتنظيم بعد ذلك من أبرزها حسين المنيعي «هارب» أحد القادة العسكريين للتنظيم، وقريبه خليل المنيعي «سلم نفسه»، ومحمد عبدالله أبوجرير الذي نجح في إقناع ابن عمومته يونس عليان أبوجرير بالانضمام للتنظيم، وسليمان البلاهيني «هارب» وطلب مرتضي «قتل»، وموسي بدران «قتل». ومن غير الواضح الكيفية التي انتشر بها التنظيم في سيناء، وتاريخ امتداداته المختلفة، حيث تكونت خلية رفح وتولي إمارتها نايف إبراهيم الديب «سلم نفسه»، وخلايا الشيخ زويد، ورفح، وجبل الحلال وتولي إمارتها سالم الشنوب «قتل». وحتي الآن لم يتضح الهيكل التنظيمي تحديدا، حيث تشير اعترافات المتهمين المحبوسين إلي أن غالبيتهم كانت علي اتصال مباشر بقائد التنظيم خالد مساعد، وكان يصدر إليهم التعليمات مباشرة دون وسطاء، ودون إطلاعهم علي باقي أعضاء التنظيم، وفي كل فترة كان يحدد للعضو الأمير الذي يتلقي منه التعليمات، وفي كثير من الأحيان كان الأمير يتخذ اسما حركيا، ولا تعرف المجموعة التابعة له اسمه الحقيقي، أو محل إقامته، وكانت الخلايا سرعان ما يتم تفكيكها، وإعادة بنائها من جديد حسب التكليفات التي تصدر للأعضاء. فقد كان مؤسس التنظيم يستدعي عددا من الأعضاء الذين لا يعرفون بعضهم البعض، وينصب أحدهم أميرا، ويكلفهم بالتوجه لإحدي المناطق الصحراوية لجمع المواد المتفجرة من الألغام. من النقاط الغامضة أيضا، كيفية تعرف مؤسس التنظيم علي سالم الشنوب الذي يقيم في قرية الغرقدة بجوار جبل الحلال والذي تولي قيادة الجناح العسكري للتنظيم، وتولي تدريب جميع أعضاء التنظيم علي استخدام الأسلحة. و كذلك الأشخاص الذين تولوا الإعداد العقائدي والنفسي للانتحاريين منفذي تفجيرات طابا وشرم الشيخ ودهب، وكذلك ممول التنظيم، ويوضح المتهمون المحبوسون في التحقيقات التي أجريت معهم أنهم لا يعلمون المصادر المالية للتنظيم، وأن مؤسس التنظيم والقيادي نصر الملاحي كانا يتوليان عملية الإنفاق دون توضيح مصدر الأموال. بعد حرب العراق في مارس ٢٠٠٣ تمكن سالم الشنوب القائد العسكري للتنظيم من إقناع عدد من المترددين علي المزرعة التي استأجرها مع أشقائه بالإسماعيلية بالانضمام للتنظيم، وتأسست بذلك خلية الإسماعيلية، وتولي إمارتها أحمد عيد سلام، وبذلك يكون التنظيم قد اكتمل نموه، وأصبح ناضجا وجاهزا للقيام بعمليات إرهابية. ويظهر سؤال ملح: هل التنظيم مستقل بذاته، أم امتداد لتنظيم أكبر بالخارج؟ لا توجد أدلة حتي الآن علي وجود علاقة للقاعدة بالتنظيم، ولكن تم ضبط ثلاثة شرائط فيديو فيما بعد لوصايا منفذي تفجيرات شرم الشيخ، أكدوا فيها أن قيامهم بتفجير أنفسهم يستند إلي «فتاوي جمهور علماء المسلمين وفي مقدمتهم الشيخ أسامة بن لادن»، وهو يقطع علي الأقل بوجود صلة روحية بالقاعدة. في الوقت نفسه، لا نستطيع الجزم بأن التنظيم تابع لأبي مصعب الزرقاوي في العراق، وإن كانت هناك إشارتان علي وجود ارتباط بينهما، الإشارة الأولي ما قرره المتهم المحبوس عيد شويهر من أن سالم الشنوب أمد خلية الإسماعيلية بشرائط فيديو عن الأعمال الجهادية لأبي مصعب الزرقاوي بالعراق. كذلك يطلق التنظيم علي نفسه اسم «التوحيد والجهاد» وهو نفس الاسم الذي يطلقه أبو مصعب الزرقاوي علي تابعيه حيث يطلق عليهم «جماعة التوحيد والجهاد». نجح التنظيم في تنفيذ خمسة تفجيرات رئيسية: الأول يوم ٧ أكتوبر ٢٠٠٤ في طابا، ثم في شرم الشيخ في ٢٣ يوليو ٢٠٠٥، ثم تفجير الجورة الأول في أغسطس ٢٠٠٥، ثم تفجيرات دهب في أبريل الماضي، وبعدها تفجير الجورة الثاني. في حين تمكنت أجهزة الأمن من توجيه أربع ضربات موجعة للتنظيم، ولكنها كانت متباعدة علي نحو مكن التنظيم من التقاط أنفاسه بعد كل ضربة، وتنظيم صفوفه من جديد، وتنفيذ تفجيرات إرهابية جديدة. الضربة الأولي التي تلقاها التنظيم كانت بعد تفجيرات طابا في فبراير ٢٠٠٥ عندما حاصرت الشرطة ثلاثة من قيادات التنظيم البارزة في صحراء سيناء، وقتلتهم في مواجهات مسلحة، وهم حماد جميعان قائد المجموعة المنفذة لتفجيرات طابا، ومحمد عبدالرحمن بدوي عضو بالمجموعة، وسلامة التيهي الذي عثرت الشرطة علي جثته دون أن تعلم وقتها أنه أحد المتهمين، ففي ذلك الوقت حددت الشرطة أسماء بعض منفذي التفجيرات دون أن تعلم بوجود تنظيم إرهابي ضخم له خلايا عديدة في سيناء، ومحافظات القناة يتحرك أعضاؤه بحرية تامة في صحراء سيناء. بعيدا عن الرصد الأمني، في مناطق صحراء رفح، وقرية الفرقدة المجاورة لجبل الحلال، ومنطقة الجفاجفة، وجنوب مدينة العريش، والجورة. وبعد تنفيذ تفجيرات شرم الشيخ تمكنت الشرطة من تنفيذ الضربتين الثانية والثالثة للتنظيم، حيث تمكنت من قتل مؤسس التنظيم بالصدفة عند استيقاف سيارته في كمين بالعريش، وجرت مواجهة بالأسلحة، قتل خلالها مساعد ومرافقه طلب مرتضي، وسلم المتهم يونس عليان أبوجرير نفسه. وتلي ذلك محاصرة جبل الحلال، ومقتل سالم الشنوب القائد العسكري للتنظيم ليفقد التنظيم بذلك الرجل الحديدي الذي خطط لتفجيرات طابا وشرم الشيخ، وتمكنت الشرطة من القبض علي ٢٥ متهما. أما الضربة الرابعة والأخيرة، فجاءت بعد تفجيرات دهب حيث تمكنت الشرطة من قتل نصر خميس الملاحي الذي يرجح أنه تولي قيادة التنظيم في الفترة السابقة، وكذلك مقتل عيد الطراوي أحد القادة العسكريين في مواجهات بالمناطق الجبلية، وكذلك مقتل ٧ آخرين من أعضاء التنظيم. ويبقي السؤال: هل تنجح الأجهزة الأمنية في توجيه ضربة أخيرة وحاسمة للتنظيم، تكشف جميع أبعاد التنظيم ليتم إغلاق ملف تنظيم «التوحيد والجهاد» بعد صراع استمر لمدة ٦ سنوات؟ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق