سيناء - مستقبل المصريين

سيناء - مستقبل المصريين

الخميس، 14 مارس 2013

آخر تحديث: الثلاثاء 22 ربيع الثاني 1434هـ - 5 مارس 2013م KSA 09:52 - GMT 06:52
أنفاق سيناء.. بين مصر وغزة وإسرائيل!
معهد العربية للدراسات
تواصل الجرافات المصرية صباح مساء حملتها الأمنية المتواصلة ضد الأنفاق الواصلة بين غزة وسيناء، باعتبار أنها غير قانونية من جهة، وتتسبب في نشر الفوضى الأمنية من جهة أخرى في هذه المنطقة الحساسة، وهو ما يفتح النقاش مطولاً حول ظاهرة الأنفاق، واستخداماتها، والموقف منها، ومستقبل العلاقة بين غزة ومصر في قادم الأيام بعد إغلاقها كلياً.

المدخل المقاوم


اعتبرت "حرب الأنفاق" أحد أهم وأخطر الأساليب العسكرية التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وعلاوة على كونها أسلوباً جديداً شق طريقه إلى المعادلة الكفاحية، وحفر لنفسه موقعاً متميزاً في سلك العمل العسكري المقاوم، فإن البعد النوعي والاستراتيجي الذي مثله، وما حققه من آثار بشرية ومعنوية، فقد شكل تهديداً بالغاً وتحدياً منقطع النظير للآلة العسكرية الإسرائيلية المدججة بكافة آليات الحرب الفتاكة، والنظريات الأمنية التي يضرب بها المثل في اختزان كافة وسائل وإجراءات الحماية والوقاية واستباق ضربات الخصم.
وقد دلل كل ذلك على حجم المأزق الذي عاشته المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على وقع هذا التطور الفلسطيني المقاوم، حيث كمنت خطورة أسلوب الأنفاق في اعتماده على العمل الهادئ الذي يتم بموجبه حفر نفق تحت الأرض، بوسائل ومعدات بسيطة، والمثابرة على العمل دون ضجيج، وفق إحداثيات جغرافية معدة سلفاً، دون ظهور مباشر على سطح الأرض.
وهذا يحرم الاحتلال إمكانية التعامل معها، وإحباط المخطط الفلسطيني، أو التصدي له حال التنفيذ، كونه يعتمد على عامل المفاجأة الذي يربك العدو من خلال تفجير أو تفجيرات فورية متتابعة تحقق مبتغاها، وتنشر الموت والدمار في الموقع المستهدف، وتوقع فيه أفدح الخسائر والعواقب.
وحسب المعلومات المتراكمة، فإن "الحفارين" المتخصصين بحفر الأنفاق يعتادون النزول إلى باطن الأرض بعد فترة طويلة من عدم شربهم للماء حتى لا يعرقوا، لأن العرق قد يتسبب بانهيار النفق أثناء العمل، ويتم الحفر بشكل عام بواسطة جهاز ميكانيكي وليس كهربائي حتى لا يصدر الضجيج.
ويرتكز جهاز الحفر على سلسلة تشبه تلك الموجودة في الدراجات الهوائية حيث تقوم بتحريك قطع حديدية تحفر الرمل، وأثناء تشغيل الماكينة ينام الرجل على ظهره، ويقوم بتحريك الدعاسات.
وحقيقة أن الحفر يتم بعضلات الأرجل وهي الأقوى في عضلات الجسم، وتمكن من الصمود طويلاً حتى يحتاج الشخص للقيام، ولضمان عدم حدوث انهيارات داخل النفق خلال وبعد حفره، وغالباً ما يتم استخدام شكل مستطيل من الخشب المقوى لمنع حدوث أي انزلاقات رملية متوقعة.
وقد كثفت قوى المقاومة في انتفاضة الأقصى عملياتها الفدائية من خلال أنفاق حفرتها، في ظل صعوبة الوصول للمواقع العسكرية الإسرائيلية، بسبب التحصينات الكبيرة، واستخدام التكنولوجيا المتطورة في حمايتها، وقد اكتشفت قوات الاحتلال خلال أشهر ثلاثة فقط 12 نفقاً.
وعلى ضوء ذلك هدمت عشرات المنازل القريبة من الشريط الحدودي مع مصر، وسبقتها السلطة الفلسطينية باكتشاف وتدمير ما يزيد على 25 نفقاً، مما جعل القيادات العسكرية للجيش الإسرائيلي تصف ظاهرة الأنفاق بأنها "أنبوب الأكسجين للنشاطات المعادية".
وقد اعتبرت المصادر الإسرائيلية أن حرب الأنفاق التي خاضتها قوى المقاومة، وعلى رأسها حماس، جعلت المؤسسة العسكرية في حيرة من أمرها، لدرجة دعت صحيفة "هآرتس" لأن تعنون خبرها الرئيس بعبارة "الجيش الإسرائيلي يتحسس طريقه في الظلام"!
مواجهة الحصارفي فترة لاحقة، انتقل استخدام الأنفاق من العمل المسلح المقاوم فقط، إلى استخدامات أخرى، بدأت فور أن فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية أوائل عام 2006، ومن ثم فرض سيطرتها على قطاع غزة أواسط عام 2007، حيث فرضت إسرائيل حصاراً اقتصادياً محكماً عليها، بحيث أغلقت المعابر الاقتصادية، وأوقفت الحوالات المالية، وأعلنت وقف التعاملات التجارية.
وأوشك قطاع غزة على الانفجار بسبب سوء الظروف المعيشية، مما دفع بحماس لأن تشرع في إجراءات بديلة كان على رأسها الأنفاق على الحدود المصرية.
وتشير الكثير من التقديرات الأمنية والاقتصادية إلى أن كمية الأنفاق العاملة بين سيناء وغزة ليست مسبوقة في تاريخ المنطقتين من قبل، حيث لم يعرف القطاع منذ نشأته أنفاقاً بهذه الكمية والعدد، توصل لسكانه كل ما يريدون من احتياجات، بحيث أنها زادت عن 1200 نفقاً، كانت تسمى "أنفاق التهريب".
ومنذ أواخر 2009، طرأ تكبير وتوسيع لها من تحت الأرض، لتلائم أنفاق دول كبرى، حيث توجد أنفاق تصنع من الباطون، تمشي فيها شاحنات ممتلئة بالبضائع والمحروقات، بصورة متاحة بدون أي إزعاج من أحد!
ويبدو من تقرير أعدته المخابرات الإسرائيلية، تسربت بعض فقراته إلى وسائل الإعلام، أن قطاع غزة يشهد حالة رائجة من "صناعة الأنفاق"، وتضم في صفوفها ما بين 20-25 ألف عامل، من على كلا جانبي الحدود المصرية الفلسطينية، ويبلغ حجم البضائع وتكلفة المنتجات التي يتم تهريبها من مصر إلى غزة مليار دولار سنوياً!
ويمكن الإشارة هنا إلى أن مواد البناء تعرف طريقها جيداً من تحت الأرض، وبصورة غزيرة إلى قطاع غزة،، للدرجة التي جعلت أسعارها تنخفض بعد امتلاء القطاع منها، ففي الوقت الذي وصل فيه ثمن طن الحديد عام 2008 الواصل من الأنفاق إلى 4 آلاف شيكل، ما يقرب من 1066 دولار، فقد انخفض ثمنه إلى النصف، ألفي شيكل، حوالي 533 دولار!
كما أن ثمن طن الاسمنت الذي وصل 4 آلاف شيكل، انخفض لما يزيد عن 75%، ووصل 900 شيكل، ما يقرب من 240 دولار! وباتت أكياس الاسمنت وعربات الحديد تملأ محلات قطاع غزة، وبأسعار في متناول اليد، لا تعرفها أسواق أخرى في الشرق الأوسط!
لكن "آفي سخاروف"، المراسل الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية زعم أن العدد التقريبي للأنفاق بين قطاع غزة وسيناء يقترب من 500 نفقاً، يكلف حفر الواحد منها 75 ألف دولار، تعد مصدر دخل وأرباح ضخمة لصالح حركة حماس، وتقدم شهادات ترخيص لفتح أنفاق لمن ترى ان لديه القدرة على الوفاء بالتزاماته المالية، وتحقق في كل شيء، وتمنع تهريب المخدرات والكحول، ونقل الأسلحة بالقرب منها.
وأضاف: حماس تراقب الأنفاق جيداً، وعناصر من الجهاديين يتنقلون بحرية من خلالها لسيناء، وبالعكس لغزة، والمخابرات المصرية تغضب من أفعال حماس، وتطالب بمراقبتهم، وتتهمها بتجاهل أفعالهم، لأنها تسيطر على كافة الأنفاق الواقعة شرق معبر رفح.
ولذلك فإنه على المدى الطويل إغلاق الأنفاق سيشكل مشكلة حقيقية لحماس، وتهديداً مباشراً مع سيطرة العشائر الكبيرة على معظمها، وهي عائلات ذات قوة حقيقية جنوب قطاع غزة، ولا ترغب حماس بمواجهتها.
كما أن عناصرها يقومون بتهريب الأسلحة بسهولة، ورجالها يذهبون للتدريبات والاجتماعات في سيناء، ودخلها يعتمد على الأنفاق التي تشكل 10-15% من ميزانية حكومة حماس.

تهريب السلاحف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق