سيناء - مستقبل المصريين

سيناء - مستقبل المصريين

الخميس، 14 مارس 2013

مصر في غزة


لا يمكن المرور سريعاً على إجراءات الجيش المصري ضد أنفاق غزة على كونها سلوكاً عملياتياً فحسب، بل اعتبره الخبير العسكري "إيال عوفر" مقدمة للانفصال الإسرائيلي الحقيقي عن قطاع غزة، بحيث يمكن ربطه بمصر من جديد، لتصبح مسئولة عن تزويده بالسلع والمحروقات من غير أن تمر عن طريق إسرائيل، وبهذا تنفصل نهائياً عن غزة.
وأضاف: في ضوء أنه لا يمكن لإسرائيل القضاء على حماس، أو إعادة غزة للسلطة الفلسطينية، لأنها برهنت على عدم قدرتها على حكمها، فإن مصر الإخوان المسلمين تشعر بأنها مسئولة عنها، فحماس هي الإخوان المسلمون فرع فلسطين، وتستطيع مصر أن تتحمل مسؤوليتها، وتهدئ الوضع، وتحظى بمقابل اقتصادي وسياسي، لاسيما بعد أن مكّنت مصر مبارك من لعب لعبة مزدوجة بأن تُلقي على إسرائيل المسؤولية عن الحصار، وتغض عينها عن الأنفاق "الإنسانية" لسيناء.
وختم بالقول: مصر برغم مشكلاتها لا تنتقض عُراها كالسلطة الفلسطينية، وإن تغير الحكم فيها، و"التماهي العقائدي" بين الإخوان المسلمين وحماس يُنشئان نافذة فرص نادرة لربط غزة بمصر، وفصلها عن "إسرائيل" بالتدريج، بل إنها تستطيع أن تطلب تطبيق اتفاق السلام مع مصر على غزة التي كانت حتى عام 1967 أرضاً مصرية من كامل جوانبها، ومصر قوية بقدر كافٍ لتحكم غزة أيضاً.
في ذات السياق، تطرح التساؤلات في عواصم صنع القرار ذات الصلة: القاهرة وتل أبيب وغزة: كيف نبدأ؟ والإجابة تشير إلى أن المرحلة الأولى ستكون تمكين مصر من فتح كامل لمعبر رفح، للأفراد وللسلع، برقابة مصرية، وحينما يصبح المعبر مفتوحاً، لن تعود هناك حاجة "إنسانية" للأنفاق، وسيكون نقل المحروقات مباشرة من مصر إلى غزة، الإشارة الأولى لربط القطاع بها من جديد.
وهكذا يمكن للمصريين أن يُظهروا مكانتهم الخاصة نحو غزة، وان يكسبوا في المقابل عملة أجنبية من التجارة المشروعة إلى غزة ومنها، وستكون المطارات والمواني في سيناء الباب الجديد إلى غزة، ويمكن إغلاق المعابر الحدودية لإسرائيل!
أكثر من ذلك، يأتي الإجراء المصري لإغلاق أنفاق غزة في ذروة انسداد أفق التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتقدير السائد بألا يحدث اختراق جدي مع الحكومة القادمة، مما يدفع بالجانبين لتداول أفكار "من خارج الصندوق" لإيجاد حلول مؤقتة للوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولئن كانت بعض هذه الأفكار من أرشيف الماضي، لكن الوقائع المستجدة يومياً تجعلهم يلجأون لمحاولة استعادتها من كتب التاريخ، ومحاولة تهيئتها لتكون سياسة واقعة، في ظل تهاوي السلطة الفلسطينية، وفقدانها لمزيد من الأدوار والمهام.
الحديث يدور بصورة واضحة عن فرضية العودة بالأراضي الفلسطينية لما قبل حرب العام 1967، حيث كانت مصر تدير قطاع غزة، ورغم أن نتائج الحرب "أزاحتها" إلى حدودها، وجاء الاحتلال الإسرائيلي للقيام بهذا الدور، لكن مياهاً كثيرة جرت تحت الجسور خلال السنين الـ40 الماضية، وبات الجميع أمام مفترق طرق قد يؤدي إلى مسارين جديدين، أولهما إعادة تشكيل خارطة الأراضي الفلسطينية، وثانيهما فرض إسرائيل لحدودها الأمنية مع دول الجوار.
وقد حفلت الأوساط السياسية والأمنية والعسكرية في إسرائيل بالعديد من الأيام الدراسية والندوات العلمية والتوصيات الوزارية، التي تناقش جميعها فرضية منح مصر دوراً إدارياً جديداً في قطاع غزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق